الأربعاء، 22 يناير 2014

نظرة عامة

مذكرات الوالد سعيد بن سالم المسلماني رحمه الله والإبحار معه خلال سنوات عمره في عمله كربان (نوخذة) سفن حتى منتصف السبعينات وكيف كانت الحياة في تلك الفترة ومن ثم الإنتقال الى عصر النهضة في سلطنة عمان وكيف تغيرت الحياة
لن يكون هناك ترتيب زمني وانما حكايات من هنا وهناك

صورة الوالد رحمه الله وحفيد الابن ناصر بن عبدالرحمن بن ناصر بن سعيد المسلماني


الاثنين، 20 يناير 2014

صور من الذاكرة





لقاء صحفي مع جريدة البيان الاماراتية


من لقاء قام به الصحفي علي البادي ونشرته جريدة البيان بتاريخ 31/03/2006


سعيد المسلماني: ذكريات جميلة ومريرة على الساحل العماني


الجمعه 31 مارس 2006



سعيد المسلماني احد أبناء الخليج الذين عشقوا ركوب البحر، أمضى أكثر من نصف عمره متنقلا في عرض البحر، يصف لنا جانبا من تلك الرحلات البحرية التجارية التي بدأ مشواره معها من عام 1945م وعايشها لمدة 40 سنة استطاع خلالها أن يصل إلى العديد من دول العالم في آسيا وجنوب إفريقيا واليمن والعراق ودول الخليج العربي محققا بذلك حلمه الطفولي ومحافظا على مهنة ورثها عن أبيه كما يلقي بالضوء منذ أن عرف الحياة لم يفكر سعيد في مهنة كسب العيش إلا من خلال الرحلات البحرية التي لم تكن للصيد بل لتحميل ونقل مختلف البضائع عبر سفن كبير] تكونت بينه وبينها علاقة عشق وعشرة عمر بقيت ذكرى أيامها الحلوة والمرة محفورة في ذاكرته على الرغم من مرور عشرات السنين على ذلك.
لم تكن هذه المهنة دخيلة على سعيد المسلماني بل سبقه فيها والده وعدد من أفراد عائلته وجيرانه وأصدقاء والده الذين عاش بينهم على ساحل الباطنة، وسايره في رحلة السنوات الطويلة في هذه المهنة عدد من أصدقاء لعب البراءة على حبات رمل الساحل والذين قضى بعضهم بغدر البحر وبعضهم أخذه الأجل المحتوم، والباقون يتسامرون فيما بينهم عن ذكريات تلك الرحلات التي كانت تأخذهم بعيداً عن الوطن والمسكن والأهل في مشوار يصل إلى ستة أشهر في كل رحلة.
حنين الماضي
يتذكر سعيد ويقول: بدأت الرحلات البحرية التجارية في سفينة البوم التي كان يستخدمها والدي لفترة 17 سنة ووصل بها إلى عدة دول في العالم في أكثر من 60 رحلة وكان يسميها الحصان نظرا لقوتها في مواجهة مخاطر البحر، ومن بعده استخدمتها أنا لمدة خمس سنوات، ثم استبدلتها بسفينة أخرى سميتها (عارف) ذلك إلى جانب سفن أخرى من نوع السنبوق والبوم والتي سميناها قديما (الكوتيه وفتح الباري).
رحلات سعيد
أولى رحلاتي انطلقت من ولاية صحم في منطقة الباطنة (حوالي 200 كيلومتر إلى الشمال من مسقط) متجهة إلى البحرين في السفينة الحصان التي كانت محملة بالليمون الجاف الذي اشتهرت بتصديره الولاية، لتتوالى بعدها الرحلات في زمن امتد إلى أكثر من 40 سنة قضى اغلبها في عرض البحر متنقلا من قارة إلى قارة ومن مدينة إلى قرية،
ثم يعود إلى ساحل الوطن بعد وداع مدته ستة أشهر إذ أن فمعظم الرحلات التي كان يقوم بها هو ورفاقه البحارة تكون بتلك المدة وغالبا ما يستقر المسلماني في مسقط رأسه (قرية سور الشيادي) لشهرين فقط ويكون ذلك في وقت موسم القيظ الذي تنشط فيه السواعد ويتضاعف فيه الجهد لانجاز مختلف الأعمال في المزارع.
ويخوض المسلماني في حديثه إلى تفاصيل تلك الرحلات وأنواع الحمولة التي يقوم بنقلها على متن السفينة فيقول: كنا ننقل الليمون الجاف من عمان إلى مدينة (المحمرة) في إيران ومنها نقوم بتحميل التمور إلى كراتشي في باكستان أو بومباي في الهند ومع عودتنا من كراتشي نقوم بتحميل الأرز البسمتي أو من بشاور أرز البشاور إلى الدول الخليجية، أما من الهند فنحمل (الكبريل) وهو مادة بناء مثل الطابوق إلى ممباسا في جنوب إفريقيا.
ورحلاتنا من عمان إلى العراق ننقل خلالها الليمون العماني الجاف إلى مدينة البصرة ونعود من البصرة، إلى عمان بحمولة التمر البصري ونضيف على تلك الحمولة حمولة أخرى من تمر الفرض العماني لننطلق إلى سواحل إفريقيا في ممباسا وزنجبار ودار السلام ونعود من هذه الرحلة بخشب (الكندل) إلى البحرين والكويت،
وفي بعض الأحيان نتجه في عودتنا من البصرة إلى اليمن بعد محطتين في عمان الأولى في منطقة الباطنة والثانية في محافظة ظفار قبل التوجه إلى عدن وبعدها نعود إلى عمان بحمولة القمح واللبان اليمني ومختلف أنواع العطور.
تقسيم الريع
يتكون طاقم الرحلة في كل مره من 17 ملاحاً بالإضافة إلى النوخذة ويتم تقسيم صافي الأجرة فيما بينهم بعد كل رحلة حيث يكون نصيب النوخذة ثلاثة أسهم ونصيب القدامى (الذي يقوم بتوجيه السفينة) سهم ونصف السهم وللسكاني (الذي يتحكم في المقود) سهم ونصف السهم
أما البحارة فلكل واحد منهم سهم وغالبا ما يصل نصيب النوخذة في الرحلة التي تستمر ما بين خمسة إلى ستة أشهر وتكون قد ذهبت إلى قارة آسيا وجنوب إفريقيا واليمن والعراق 350 روبية هندية أي ما يعادل 35 ريالاً عمانياً.
وخلال الحديث عن حياة الماضي يتجه المسلماني بحديثه عن حياة أهل الساحل قديما حيث يتميز ملاك سفن النقل وسفن الصيد بالدخل الجيد، فالصياد يعتمد بشكل رئيسي على الصيد الذي فيه خير وفير فهو يقوم ببيعه، وفي أحيان أخرى يقوم بالمبادلة مع الآخرين ببضاعة أخرى، وهكذا تسير أمور حياته،
أما ملاك السفن الكبيرة فلهم حظ أوفر في الدخل من خلال تجارتهم في نقل مختلف البضائع استيرادا وتصديرا ولكن بالمقابل لهم غياب يطول عن الموطن بحسب الفترات الزمنية التي تستلزمها الرحلات، أما البعض من أهل الساحل فهم يعملون في مهنة الزراعة التي ارتبطت بهم من القدم إلى يومنا هذا وشكلت لديهم اعتماداً شبه كلي في مورد الرزق.
قهوة الصباح
الحياة قديما كانت بسيطة جدا وجميلة، حيث التواصل والترابط الأسري والتكافل الاجتماعي والإحساس بين الناس في محيط المجتمع والعائلة كأعضاء الجسد الواحد الفرح للكل والحزن للكل والكل يعرف ما بصاحبه وما بجاره من خير أو سوء.
كان الجيران يجتمعون في الماضي مع رئيس المنطقة على قهوة الصباح، كل منهم يأتي بقهوته، وكان هذا الاجتماع هو بداية انطلاق العمل اليومي لينطلق بعده الجميع كل إلى عمله ومهنته وحرفته،
ويعودون في الليل للقاء اجتماعي متجدد بعد رحلة العمل اليومي ويتم التجمع على ضوء القمر والخلافات الداخلية والاجتماعية كانت قليلة ويتم حلها عن طريق الشيخ أو المسؤول والكل تراه راضياً ومتسامحاً وليس هناك تشنج وتعصب في الخلافات.
الزواج التقليدي
وللزواج في حياة أهل الساحل قديما ميزة خاصة إذ كان الأب هو الذي يختار ويخطب العروس لابنه دون أن يراها العريس إلا في ليلة الزفاف وكان المهر يتراوح فيما بين 10 إلى 15 (قرشاً فرنسياً) أي ما يعادل 1512 ريالاً عمانياً.
وتكون الوليمة عبارة عن ذبيحة واحده وتقام الأفراح لمدة ثلاث ليال متتالية تقدم خلالها القهوة والشاي فقط ويتخلل تلك الأفراح إطلاق النار من مختلف الأسلحة التقليدية التي في بعض الأحيان تشكل مبارزه بين الحضور في أجود أنواعها وأقواها في الطلق الناري.
ويتم في تلك الليالي تخصيص ركنين الأول للرجال والثاني للنساء أما الزفة فتكون في فترة العصر وتبقى العروس لمدة أسبوع لا ترى فيه أهلها وفي اليوم السابع يتم تزويرها إلى بيت والدها مع عائلة العريس وتقام وليمة في ذاك اليوم الذي يسمى بيوم (تزوير) العروس.
مسقط ـ علي البادي